فالأمم القديمة -أقدم ما وصل إلينا تقريباً سومر وما بعد- هناك اختلاط بين مفهوم أن يكون إلهاً, أو أن يكون نبياً, أو أن يكون ملكاً, أو أن يكون حكيماً، بينما في الإسلام المعالم واضحة جداً، هناك رب سبحانه وتعالى, وهو الذي ((
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ))[الشورى:11]؛ فهذا صفاته هي صفات الكمال المطلقة له تبارك وتعالى، وله الأسماء الحسنى. وهناك مخلوق من بني آدم من البشر, من الطبيعة البشرية التي لا تختلف في أصل التركيب والتكوين الجسماني عن بقية البشر؛ ولكن هناك ميزة له أن هناك واسطة بينه وبين الله تبارك وتعالى وهم الملائكة الكرام، فيوحي الله تبارك وتعالى إلى هؤلاء الأنبياء غالب الوحي عن طريق هؤلاء الملائكة، وقد يكون إيحاء مباشراً من الله تبارك وتعالى كما قال تعالى: ((
وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ))[الشورى:51]؛ فيمكن أن يخاطبه مباشرة كما خاطب آدم وموسى عليهما السلام، ويمكن أن يكون في المنام كما كانت رؤيا إبراهيم عليه السلام، ويمكن أن يكون -وهو الغالب- بأن يبعث الله تبارك وتعالى الرسول الملكي إلى الرسول البشري؛ فيبلغه عن الله عز وجل.وهنا تظهر آثار الخير والبركة والنفع؛ فهم مباركون أينما كانوا وحيثما توجهوا, وفي كل أمر يقولونه وفي كل شيء يفعلونه، فصل واضح جداً بين حقيقة الألوهية وبين حقيقة الملَكية -نسبة إلى الملائكة- وبين حقيقة البشرية في الأنبياء.